تنبع عظمة سقيا الماء في الحرم من كونها عملاً إنسانيًّا يلتقي فيه البُعد التعبدي بالبعد الخدمي. فالملايين يقصدون مكة المكرمة والمدينة المنورة كل عام، وتوفير الماء البارد لهم يُعدّ خدمة أساسية تُخفّف مشقة المناسك، وترسّخ قيمة «إكرام الضيف» التي أوصى بها النبي ﷺ. وقد أثبتت دراسات حديثة أن وفرة نقاط السقيا تقلّل معدلات الإجهاد الحراري بنسبة تتجاوز ثلاثين في المائة، وهو ما ينعكس مباشرة على سلامة الحجاج. وللاطلاع على جانب من المبادرات الخيِّرة الداعمة، يمكن زيارة مقالة تبرع سقيا المياه، كما يمكن تصفح الصفحة الرئيسية لمتجر إسراء لمعرفة دورنا في دعم هذه المشاريع المباركة.
الدليل الشرعي وفضل السقيا
ورد في الصحيحين عن سعد بن عبادة رضي الله عنه أنه قال: «يا رسول الله، إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم. قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقيا الماء». ويستفاد من هذا الحديث أن ثواب الماء جارٍ لا ينقطع، خصوصًا إذا وُضع في مكان يقصده الناس بكثرة، مثل الحرمين الشريفين. ويؤكّد العلماء أن السقيا في الأماكن المقدسة تجمع الأجرين: أجر الصدقة الجارية، وأجر خدمة ضيوف الرحمن. ويمكن الرجوع إلى نصوص أكثر تفصيلاً عبر موقع السنن، كما يُستحسن تدبّر آيات الماء في المصحف الشريف لزيادة اليقين بفضل هذا العمل.

جذور تاريخية من زمزم إلى العصر الحديث
قصة الماء في مكة تبدأ بنبع زمزم الذي تفجّر بقدرة الله تحت قدم إسماعيل عليه السلام؛ ومنذ ذلك الحين ارتبطت المدينة بالماء ارتباطًا وثيقًا. في العصر النبوي كانت السقيا مسؤولية أهل مكة أنفسهم، ثم تطورت في عهد الخلفاء الراشدين إلى نظام «السقايات الجلدية» التي يحملها الخدم على الأكتاف. وفي العصر العباسي أُنشئت القِسِيَب الرخامية حول الكعبة لإتاحة شرب زمزم بسهولة، بينما أدخل العثمانيون الخزانات الرصاصية الكبيرة وسلسلة صنابير دائرية. ومع التوسعات السعودية الحديثة اعتمدت الرئاسة العامة لشؤون الحرمين محطات تحلية ومضخات إلكترونية تُراقَب بالاستشعار عن بُعد. للاطلاع على لقطة تاريخية مفصّلة يمكن قراءة أفضل السقيا – سقيا الماء.

مصادر المياه وشبكات الإمداد
تمتزج بركة زمزم بالمصادر الحديثة لضمان استمرارية سقيا الماء في الحرم. تشمل المنظومة حالياً: بئر زمزم، ومحطات تحلية البحر الأحمر بطاقة 650 ألف متر مكعب يومياً، وآبار جوفية احتياطية تُستخدم عند الطوارئ. بعد التعقيم ، يُضخ الماء إلى خزانات تبريد ضخمة تحت ساحات المسجد، ثم ينطلق عبر شبكة أنابيب ستانلس بطول 42 كيلومترًا، تُغذّي أكثر من 20 ألف صنبور رخامي و1,500 حافظة متنقلة.
يمكن زيارة هذه الصفحة لمعرفة أكثر.

هيكلة الإدارة والرقابة
تعمل الرئاسة العامة لشؤون الحرمين بشراكة مع وزارة البيئة والمياه، حيث تتوزع المسؤوليات على ثلاثة قطاعات رئيسة: قطاع الجودة الذي يجري 12 اختبارًا مخبريًا يوميًا، وقطاع الصيانة الذي يستجيب إلى البلاغات خلال 8 دقائق بحد أقصى، وقطاع التوزيع الميداني المكوّن من 400 عامل و120 عربة كهربائية. وقد طُوّر تطبيق ذكي للإبلاغ الفوري عن أي عطل، ويمكن تنزيله من قسم التطبيقات الخدمية لدينا. يعتمد التطبيق على تقنية إنترنت الأشياء ليقيس مستوى الماء ويرسل تنبيهات استباقية.
الأثر الصحي والنفسي على الزوّار
تؤكّد بيانات وزارة الصحة أن توافر نقاط السقيا خفض حالات الإجهاد الحراري من 5,100 حالة عام 1440هـ إلى 3,600 حالة عام 1444هـ رغم زيادة أعداد الحجاج. إضافة إلى ذلك، رصد باحثون من الجامعة الإسلامية العالمية تحسّن المؤشرات النفسية لدى الزوار بنسبة 18٪، إذ يشعر الحاج بأمان وطمأنينة حين يعلم أن الماء متاحًا بلا مشقة. هذا الانعكاس الإيجابي يظهر في زيادة التركيز أثناء الطواف والسعي، وتقليل الشكوى من الصداع والجفاف.
التحديات والابتكارات التقنية
أبرز التحديات هي الاختناقات المرورية حول نقاط السقيا أوقات الصلوات، وارتفاع تكلفة الطاقة، والحاجة إلى استبدال الكؤوس البلاستيكية بورقية لتقليل النفايات. وللحد من ذلك، استُحدِثت صهاريج تعمل بالطاقة الشمسية عبر خلايا بقدرة 200 كيلوواط، وزُوّدت بذكاء اصطناعي يوقف التوزيع عند امتلاء الكوب. كذلك أطلقت الرئاسة حملة .هل يجوز سقيا الماء من زكاة المال؟
دور الجمعيات والمتبرعين
تتعاون عشرات الجمعيات مع الرئاسة لتوفير تمويل مستدام، وعلى رأسها «إسراء ستورز» التي خصصت جزءًا من أرباحها لدعم صناديق السقيا. يمكن للمتبرع اختيار حزمة عشرة شرنك أو حزمة اثنين وعشرين شرنك لتأمين عبوات تكفي أسبوعًا كاملًا في إحدى ساحات المسجد. كما تتوافر خصومات دورية عبر قسم العروض لتحفيز الاستمرارية. ويكفل النظام لكل متبرع شهادة رقمية تُظهر الموقع الذي توزَّع فيه عبواته، ما يعزز الشفافية ويزيد الثقة.
المشاركة التطوعية وخطط التدريب
تفتح الرئاسة باب التطوع قبل الحج بشهرين، ويتاح التسجيل عبر استمارة رقمية يُعلن عنها في قسم أخبار المبادرات. بعد القبول يحضر المتطوع دورة مكثفة في الإسعافات الأولية والتعامل مع الحشود، ثم يُوزَّع في نوبات مرنة (4 ساعات) حسب قدرته. تتولى الجمعية تزويده بزي موحّد ورمز استجابة سريع (QR) يربطه بخريطة مواقع الحافظات. هذه المرونة جعلت مئات الشباب يشاركون دون تعطيل وظائفهم.
رؤية مستقبلية مستدامة
تهدف خطة 2030 إلى رفع سعة التخزين إلى 120 ألف متر مكعب، وتحويل 60٪ من نقاط التوزيع إلى أنظمة تبريد سلبية عازلة للحرارة، مع دمج عدادات ذكية لقياس استهلاك كل منطقة وإعادة توجيه الفائض للمناطق الأكثر ازدحامًا. كما يجري اختبار مواد حافظة للبرودة تعتمد على «جل التغيير الطوري» لتقليل ذوبان الثلج داخل الحافظات. ويمكن متابعة المستجدات التقنية عبر صفحة التطوير المستدام.
الخاتمة
إن سقيا الماء في الحرم ليست مجرد مشروع خدماتي، لكنها رسالة رحمة متجددة تُترجم معاني التضامن والإيثار. كل قطرة تُنعش جسدًا متعبًا وتوقظ روحًا مشتاقة. ولمن أراد أن يكون له نصيب في هذا الأجر الدائم، يكفي اختيار إحدى الحزم الوقفية المتاحة عبر عروض إسراء وجعلها هدية جارية لوالديه أو أحبته.
الأسئلة الشائعة
-
ما الفرق بين ماء زمزم والماء المحلى المستخدم في السقيا؟
- ماء زمزم يُوزَّع في حافظات مخصصة ومواقع محدودة احترامًا لخصوصيته، بينما يُستخدَم الماء المحلى لتغطية الاحتياجات العامة في ساحات الحرم وأسطحه.
هل تُقبل التبرعات العينية مثل عبوات الماء؟
- التبرعات العينية تُقبل بشرط مطابقة المواصفات الصحية المعتمدة، ويُفضَّل التبرع النقدي لتيسير شراء عبوات موحَّدة الجودة.
-
كيف أتأكد أن تبرعي وُجه فعلاً إلى نقاط السقيا؟
- بعد الدفع يُرسل نظام التتبع شهادة رقمية تتضمن تاريخ التوزيع والموقع الجغرافي ورقم الحافظة التي استفادت من التبرع.
-
هل المشاركة التطوعية تتطلب تفرغًا كاملًا؟
- لا، يمكن اختيار نوبات صباحية أو مسائية مدتها أربع ساعات، مع إمكانية تعديل الجدول أسبوعيًا وفق ظروف المتطوع.
-
هل يجوز تمويل السقيا من زكاة المال؟
- أجاز كثير من العلماء توجيه جزء من الزكاة لتوفير الماء في الأماكن العامة إذا تحققت مصلحة الفقراء، ويُنصح بمراجعة الفتوى المفصلة في الرابط أعلاه.